اليوم الرابع | يثق


اليوم الرابع | يثق

 

ألقى على جثة جده النظرة الأخيرة ثم قبله على جبينه مودعا وبعد أن انتهت مراسم الدفن والعزاء عاد إلى غرفته وكأن شيئا لم يكن. أقسم جميع المعزيين يومها أنه لم يبكى لم يصرخ لم يذرف دمعة واحدة فقط شارد الذهن كان وكأنه في عالم آخر لم يعلم فيه خبر وفاة جده بعد.

أحضر قلم وبعض الأورق وافترش ركن من أركان غرفته وأخذ يكتب بهستيريا: جدي العزيز، أتذكُر عندما جئتك صغيراً أبكي؟ أتذكُر وعدك لي بالبقاء؟ “لن يُفرق بيننا شئ يا ولدي” أليست تلك كلماتك؟ كُنت إذا غضبت منك يوما كتبت لك رسالة وما إن تقرأها حتي تضحك بصخب وترتدي نظارتك وتمسك قلمك الأحمر لتضع دوائر حول أخطائي الإملائية والنحوية، كنت تجلس بجواري وتعناقني ثم تمد إلي يدك بخطابي وقد امتلئ بالدوائر الحمراء وتقول لي بابتسامتك العذبة :”لا يمكن للحزن أن ينصب المبتدأ” ها أنا أكتب إليك الآن منتظرا دوائرك الحمراء أكتب إليك منتظرا تلك الإبتسامة الرقيقة لتخبرني أن كل مر سيمر.

ختم خطابه بدمعة تسللت خلسة من عينيه لتسقط على أوراقه فتذييل الخطاب ألقى اوراقه جانبا ثم شرع بالبكاء وهنا أدرك معنى الفراق كان يثق أن موت الأحباب صعب لكنه لم يكن يدري أن ألم الموت لحظة وألم الفراق يبقى فقَد جده وفقد معه ثقته في العالم وكيف يثق في عالم مهدد بالزوال مهدد بالفناء حتى ألتقاها فكانت هي البرهان على أن بعض البشر يستحقون فرصة.

 

#Decwriter2022 #Medwriter2022 #ميدرايتر2022 #ديسرايتر 2022


Abdelrhman Mohamed

كاتب يعبر فقط عما يدور في رأسه من ضجيج أفكار وفي قلبه من مشاعر مضطربة خلاصةً كاتبٌ يصوغ أفكاره كلمات ومشاعره سطوراً ونصوص

أحدث أقدم